جنيٌ كثيرٌ لهذا النهار ،
يقفزُ السمكُ في الشباك ِ
مثل الثمار .
يُغريه ِ البحرُ بالأزرق ِ اللانهائيّ و وجه ٍ وضّاء ٍ سماويّ .
و عند أول الشط ِ يُلقى البحر معاذيرهُ
و يُعلن الإنهيارْ ..
وجهكُ جُلنارْ
يا شمسُ
يا زهرة ً علويّة ، ماتتْ من دونها الأزهارْ .
أراك ِ في المشهد ِ البحريّ
تزدادينَ وضوحاً و جموحاً ،
و أنا على المقعد ِ مُلقى ً
مثل الإزارْ .
في المقهى رجالٌ يلعبونَ الورقْ ،
و آخرونَ يدخنونَ النراكيلْ ..
و من حين ٍ إلى حينْ ،
يدبُّ هنا أو هناكَ شِجارْ
و يصيحُ أحدُ المدخنين على النادل ِ بنزقْ
نار !
كم عدد الذين سافروا فيكَ يا بحرُ
و قد عشقوا فيكَ الأسرارْ ..
و أنتَ وفاءُ الأرض ِ للمطر ِ .
و منديل السماء الأخير لما بكتْ
سماءً ثانية ً لا نعرفها
و نحدِسها ..
في قرارة ِ القلب ِ و الإنتظارْ .
قلبي فدانٌ مُشرعُ الأثلام ِ
و الأحلام ِ .
يُوجعني حينما لا أسمعهُ
أو أسمعهُ و لا أفهمهُ .
يناديني في الليل ِ باستسلام ٍ:
بِذارْ .. بِذارْ .
و يتحسسُ كفيّ بوجل ٍ في الظلام ِ
كي يعرفَ شكلهُ ، أهو كرويّ أم هرميّ
و كي يعرفَ أهو ميتٌ أو حيّ .
و عينايَّ باردتانْ .. لا تقولانْ .
لكنهما تطلانْ من فوق الحِرام ِ البستانْ
مثل الأحجارْ .
قد أفلتَ من بين يدينا القرار .
أمسكَنا الأطفالُ في سلة ٍ تفاحتينْ
صفراوينْ ..
و حينما لهوّا عنا قليلاً في غمرة اللعب ِ ،
و السلةُ مركونةٌ على الرصيف ِ قُربَ الكتب ِ
تسّنى لي أن أقولَ لك ِ ..
أُحبك ِ بلا سبب ِ .
يقولُ أحدُ الصِغارْ ..
فارّاً من الجوع ِ و التعب ِ .
التي على اليمين لا زالتْ صفراءْ
التي على الشمال ِ أصابها الإحمرارْ .
يخجلُ الملاكْ ..
فتغيّرُ من جِلستها قليلاً ،
تسحبُ شعرها الطويل ِعن ذراع ِ الكرسيّ
و أبدوا من خلف الزجاج ِ مثل المنسيّ .
ثم تشدُّ إليها طرفَ الجاكيت ِ الخاكيّ
و يبتلعنيّ الممرُ اللولبيّ .
يا ليتها الأقدارْ ..
لو تجمع بين الأرضيّ و السماويّ
و نمشي يا ملاكي الحبيب
يا ملاكي الوحيدْ
متشابكي الأيديّ
تظللنا الأشجارْ ..
و نذكرُ في حديثنا المسائيّ
في آخر النهارْ
كم كُنا سعداءْ
كأنما نعيشُ الدنيا عيدْ .
ففي عينيك ِ تجتمعُ الشمسُ و الأقمارْ
و يُضحي البعيدُ .. البعيدُ
أمتارْ .
يمشي عني حبيبي
و أسمعُ خطاهُ فوق الدرج
مثل الأمطار ِ على خطّ الأفقْ .
تحنو عليّ و على القلب ِ ، العصفورُ
الذي خفقْ .
و لا يبقى سواكَ يا ملاكْ
و ذكرى البحرُ المضفورُ
بالشباكْ
في أول النهارْ .. في المقهى البحريّ .
No comments:
Post a Comment