Saturday, October 26, 2013

في المقهى البحريّ

 

cafe_c_full

جنيٌ كثيرٌ لهذا النهار ،

يقفزُ السمكُ في الشباك ِ

مثل الثمار .

يُغريه ِ البحرُ بالأزرق ِ اللانهائيّ و وجه ٍ وضّاء ٍ سماويّ .

و عند أول الشط ِ يُلقى البحر معاذيرهُ 

و يُعلن الإنهيارْ ..

وجهكُ جُلنارْ

يا شمسُ

يا زهرة ً علويّة ، ماتتْ من دونها الأزهارْ .

 

أراك ِ في المشهد ِ البحريّ

تزدادينَ وضوحاً و جموحاً ،

و أنا على المقعد ِ مُلقى ً

مثل الإزارْ .

 

في المقهى رجالٌ يلعبونَ الورقْ ،

و آخرونَ يدخنونَ النراكيلْ ..

و من حين ٍ إلى حينْ ،

يدبُّ هنا أو هناكَ شِجارْ

و يصيحُ أحدُ المدخنين على النادل ِ بنزقْ

نار !

 

كم عدد الذين سافروا فيكَ يا بحرُ

و قد عشقوا فيكَ الأسرارْ ..

و أنتَ وفاءُ الأرض ِ للمطر ِ .

و منديل السماء الأخير لما بكتْ

سماءً ثانية ً لا نعرفها

و نحدِسها ..

في قرارة ِ القلب ِ و الإنتظارْ .

 

قلبي فدانٌ مُشرعُ الأثلام ِ

و الأحلام ِ .

يُوجعني حينما لا أسمعهُ

أو أسمعهُ و لا أفهمهُ .

يناديني في الليل ِ باستسلام ٍ:

بِذارْ .. بِذارْ .

 

و يتحسسُ كفيّ بوجل ٍ في الظلام ِ

كي يعرفَ شكلهُ ، أهو كرويّ أم هرميّ

و كي يعرفَ أهو ميتٌ أو حيّ .

و عينايَّ باردتانْ .. لا تقولانْ .

لكنهما تطلانْ من فوق الحِرام ِ البستانْ

مثل الأحجارْ .

 

قد أفلتَ من بين يدينا القرار .

أمسكَنا الأطفالُ في سلة ٍ تفاحتينْ

صفراوينْ ..

و حينما لهوّا عنا قليلاً في غمرة اللعب ِ ،

و السلةُ مركونةٌ على الرصيف ِ قُربَ الكتب ِ

تسّنى لي أن أقولَ لك ِ ..

أُحبك ِ بلا سبب ِ .

يقولُ أحدُ الصِغارْ ..

فارّاً من الجوع ِ و التعب ِ .

التي على اليمين لا زالتْ صفراءْ

التي على الشمال ِ أصابها الإحمرارْ .

 

يخجلُ الملاكْ ..

فتغيّرُ من جِلستها قليلاً ،

تسحبُ شعرها الطويل ِعن ذراع ِ الكرسيّ

و أبدوا من خلف الزجاج ِ مثل المنسيّ .

ثم تشدُّ إليها طرفَ الجاكيت ِ الخاكيّ

و يبتلعنيّ الممرُ اللولبيّ .

 

يا ليتها الأقدارْ ..

لو تجمع بين الأرضيّ و السماويّ

و نمشي يا ملاكي الحبيب

يا ملاكي الوحيدْ

متشابكي الأيديّ

تظللنا الأشجارْ ..

و نذكرُ في حديثنا المسائيّ

في آخر النهارْ

كم كُنا سعداءْ

كأنما نعيشُ الدنيا عيدْ .

ففي عينيك ِ تجتمعُ الشمسُ و الأقمارْ

و يُضحي البعيدُ .. البعيدُ

أمتارْ .

يمشي عني حبيبي

و أسمعُ خطاهُ فوق الدرج

مثل الأمطار ِ على خطّ الأفقْ .

تحنو عليّ و على  القلب ِ ، العصفورُ

الذي خفقْ .

 

و لا يبقى سواكَ يا ملاكْ

و ذكرى البحرُ المضفورُ

بالشباكْ

في أول النهارْ .. في المقهى البحريّ .

 

No comments:

Post a Comment