Thursday, December 10, 2015

من حياة سيزيِّف.


                                                                                      من حياةِ سيزيف
 

توسّلتُ من الربِّ ما يكفَّ عني حيرتي

شتاتُ النفسِ شوكٌ يتبرعمُ بنوّار ألمِ

أحتزُّ بلحمي زرداً من أنيابِ نباتِ

يشقُّ له عصبٌ في الرأسِ نصفينِ

ينهارُ سورٌ مرصوفٌ من حبسِ أنّاتِ

فأبكي أبكي ، أسحُّ من الدمع المخضلِ

ألوي عنقي و كفيّ على خديّ و العينينِ

أُصابُ بعواصفِ الكدرِتسقي عين ُفُراتِ

رسولٌ أنا في صحراءِ صمتي فأمشي

أدوّنُ ما قد ضيّعتُ في ماضٍ من آياتي

مُرسلٌ ابتهالي يلامسُ السماءَ و يرمي

قوساً من سحابٍ يشبهُ منديلَ دمعاتِ

فأرى الشوكَ تفوحُ روائحهُ بين خطوتينِ

**********

صائراً جدولاً أفيضُ بكآبةٍ

تنهبني المشاعرُ المشتعلة

أبعثُ الفوحَ المحرِّضَ للألم

و رأسي برجٌ للفرقاء المقتتلة.

شأني حطامُ زجاجٍ منكسر

عليهِ آثارُ مطرقةٍ للندم.

صوتٌ يزمجرُ جباراً بالمُغر

تنتفضُ لأجلهِ المواطن المحتلة

في كل شبرٍ من عروقي فيه دم.

الفؤادُ و اللُب في جزرٍ نائية

مناديلُ الحزنِ أزهارٌ ذاوية

و أنا أصعدُ لأشرعَ بالبكاء الحُر

فوق سوامقِ القممِ.

شغفي على الأشياءِ هو العلّة،

ميزانُ العالمِ يقفُ على قدمٍ و قشّة

و يكيلُ الضجرَ المتصاعدَ بوتر.

المجنونُ الذي افترعَ طرقاتٍ

خاوية ليتخيلَ سيناريو الغد

و يخطَّ بناظريهِ خطى المجد

و يدعوهُ محفلَ الجُلجلة..

هو أنا، أنا ..

أنا الذي سميتُ الكلماتَ بالعاهرة

و أمطرتُها بوابلٍ من حجر..

أرجمُها كشيطانِ المعبد.

لا أطيقُ أن يصيرَ الكلامُ رهينةً

رخيصةً في يدِ الألعوبان،

يأخذها ذات اليمينِ و ذات اليسار

يستغلُ تاريخيّة العبارة منذ كان الطمم..

صوتُ الإنسانِ و بداية السفر.

غرّني فحيحُ أفعى ترعى بحِجري

بين أضلعي و توغرُ بصدري

مثل خنجرٍ محمومٍ لمسيلِ دم

الرجالُ الذين قلّدوا الحيوان

و ناموا في مخلبِ غيمةٍ عابرة

تطفو في حليبِ سديمٍ أسودِ..

و نجماتٍ متحلقاتٍ من نفحِ العَدم.

أخطوا في المنامِ لألحقَ صهوةِ الحلم الجانحِ لللامكان..

أشمُّ للوردِ المتفتّح على سطحِ الماء شذى طريّ،

ألعبُ مع الرياحِ لُعبتها و أستجدي وصولَ المطر

أحدّقُ في الأحجارِ كأنها غريبةٌ ، و لكنهُ الحنينُ مُعدِ

فأجدُ ذاكرتي في شررٍ بين حجرينِ من صوّانِ

و أقولُ في نفسي ، و إلى السماءِ نظري ، لماذا تركتُ حجري؟

أنا المصبوبُ من جزعٍ و ألمِ..

أحبالٌ تصلُ المتلاشياتِ معاً في جسدي من قدمٍ ليدِ

**********

أسرّحُ الشعرَ الذي أعتقهُ المشيبُ

بريءٌ هذا الحزن الذي في عيوني

وجهكَ الناحلُ لا يريمُ جامدٌ هو

مُريبُ ..

أرسلتكَ الشجونُ في رحلةٍ و قد أضرمتْ

في المرافىءِ مراكباً للضائعِ المحزونِ

أين من شجرِ الخريفَ أنتَ ؟ أوراقكَ

تلفُّ الوحِدةَ كطفلٍ صغيرٍ أرهقهُ النحيبُ

و في شفتيكَ عطشٌ هائجٌ خيلهُ و حرونِ

اصعدْ حتفكَ المشبوبَ بنارِ الغَضب

فالليلُ بعد قليلٍ ساقطٌ .. فلا تتوخَّ الهربْ

إن شبابيك الليلِ ضيقةٌ و قفلها بمختونِ

فاسعَ بنارٍ مسروقةٍ في الليلِ بين الحطبْ.

**********

أشهدُ الشمسَ قطرة دمٍ في المساء الذبيحِ ،
تسيلُ تمسحُ ألقَ النهارِ الرصاصي النائي ،
أغمضُ حدقتيَّ ألوذُ بلونِ عيني
لعلها تحجبني منظرَ الأملِ الجريح .
الشارعُ مزدحمٌ و الليلُ يوقظُ
رغباتِ إنسانٍ بدائيِّ ،
أخافُ الظلامَ منذ الصبا ، فوبيا
الكائن المنهزم تجوزُ بداخلي
مدنَ الصفيح
إلى اتساعِ الغابات الخالية ..
الماءُ يمضي متلاطمَ الأنغامِ
خريرهُ تنترهُ أسنانُ ثورٍ يثاغي
و ينوح ..
مزيدٌ من الخطواتِ الباردة تدقُّ
بابَ الكهفِ الرطبِ بالملحِ ،
خيوطُ النورِ قصيرةٌ تشفُ عن
جسمِ الصخورِ العاري .
الطحلبُ عانةٌ كثيفةٌ على
الإشتهاءِ المنسيِّ من أثر الجروح ..
المطرُ دعوةٌ للإختباءِ و الغواية ،

شبّاكٌ دائمُ النموِّ بالخدرِ و الخيال .

No comments:

Post a Comment