- الغريبة –
نسماتٌ صنعنَ في شعركِ طاقة الأمل
سراحٌ قد أُطلِقتْ ذؤابتهُ و حُررتْ سُبل
اهتزّ شعاعٌ يُلامس الجيدَ المُندّى برمل
حاقتْ دونه أطرافُ شالٍ حاسرٍ أَفلْ
جمالُ البراءةِ الفتاةُ الخجلى البِكرُ اكتملْ
لا تراوِدُ البابَ المواربْ ، يسدّهُ قِفل ..
و هي تقعدُ على كرسيٍ في ظلامٍ يَغُل
و في عينيها يطلُّ الأملُ بحجمِ سُنبل
و تترقرقُ دمعاتُ إيمانٍ مُشتعِل .
البنتُ الغريبة تصوِّرُ العالمَ من شُباكِ مُعتقلْ ،
تمسحُ الدماءَ عن عدسةِ الكاميرا كي يتضحَ الخَللْ
بين القاتلِ و القتيل مسافةٌ ، ما فتىء ، منذُ الأزلْ .
و غزةُ جسدٌ تعمّدَ بالخَجلْ ..
و شرايينٌ نزفتْ دماءً كثيفةً كالمُخمَل .
قبلَ أن تأمنَ زنزانتها الصغيرة و الموتُ يترجّل .
غزةُ أسماءُ ، السهلُ و الشطُّ و الجبَلْ
و قاراتٌ ثلاث تزاوجنَ فيها و بدّلنَ البِدلْ ..
بالشالِ المُجعّد كأرضِ غرفتها ، و وجهٍ أسلْ
تفرغُ من كنسِ جَفلتها و كيِّ بعض الحُلل .
الآن تُشعِلُ سيجارتها ، أسماءُ ، و تنظِّفُ الجردلْ .
تغسِلُ ما بين أصابعها و الماءُ يشربهُ صحنُ المُنهل ..
تمسحُ تحت أذنيها ، وجهها و مرفقيها ، ثم تنشِّف الثوب المُبتلْ .
أسماءُ على سجادة الصلاة أمام الله الأجّلْ .
أسماءُ تخشعُ تركعُ . تنفي عنها غربتها ، و تُرتِّلْ ..
بإسمِ الشهيدِ الذي قُتلَ في المهجعِ و المنزل
بالبلحِ و الوردِ و العنبْ . بجذعِ زيتونةٍ على سِن منجلْ .
بإسم الوطنِ الذي دُمِّرتْ بيوتهُ لكي يُبنى المُعتقل ..
بالقبابِ و المآذن . بجرسِ كنيسةٍ عزلاءَ تكبّلْ .
تركعُ ، تعتدلُ ، تتشهدُ ، تسلّمُ و تترجل .
تفتحُ تفسير ابن كثير ، تقرأُ في باب " أيها المزمِّلْ " .
و تتخيلُ النبي المُحِّبَ ، رهيناً للغارِ ، أجمَلْ ..
يشرعُ قلبهُ ، كشبّاكٍ في السماءِ ، لليقينِ المُنزَلْ .
تاقتْ إلى فراديسَ عَسلٍ و خمرٍ لا يثمِلْ .
جنةٌ عرضُها السمواتِ و الأرض تبدأُ من جبلِ الكرمِل ،
لا عينٌ رأتْ و لا خطرَ لبشرٍ و عَقلْ ..
كنعانيةٌ كانت ، تمسحُ رؤوسَ سنابلٍ أيتام في منبتِ حقلْ .
تغسلُ صدرها بماءِ السماء العراء ، و تسبِّحُ بَعلْ .
و حين لا يسّاقطُ مطرٌ تسقيها بدمعِ المُقل .
تجيءُ حظيرتها باكرةً يردُّها قوقأةُ الحِجلِ و ثغاءُ الحَملْ .
مدينتُها تأكلُها النارُ ، اغتصبها العارُ بمقدمِ جحفَل .
حطموّا أسوارها ، كسّروا أشجارها و مزّقوا القُرنفل .
نادتْ في الليلِ حافيةً : بعلٌ ، بعلٌ ، بعلْ ..
يهوشعُ بالوادي يتفكّه : لا تتركوا فيهم و لو طِفلْ !
عادها كلامُ عرّافةٍ ، لم تصدِّقهُ ، بنبوءةِ مُستقبلْ ..
أبناؤكِ يمشونَ طريقَ الجُلجلة و يرفعونَ المِشعلْ .
أسماءُ تشكُّ ، تضطربُ تتعذبُ و تسألْ ..
ثم تجسُّ نبضَ مخلوقٍ تفتّحَ فيها قد تأجّلْ
كذلكَ يريدُ ربُكِ أن يبعثَ فيكِ من شُعاعِ أملْ .
14- تشرين أول - 2013
No comments:
Post a Comment