Monday, October 14, 2013

الغريبة

 

 

3634733241_fa2f768a58_m

 

- الغريبة –

نسماتٌ صنعنَ في شعركِ طاقة الأمل

سراحٌ قد أُطلِقتْ ذؤابتهُ و حُررتْ سُبل

اهتزّ شعاعٌ يُلامس الجيدَ المُندّى برمل

حاقتْ دونه أطرافُ شالٍ حاسرٍ أَفلْ

جمالُ البراءةِ الفتاةُ الخجلى البِكرُ اكتملْ

لا تراوِدُ البابَ المواربْ ، يسدّهُ قِفل ..

و هي تقعدُ على كرسيٍ في ظلامٍ يَغُل

و في عينيها يطلُّ الأملُ بحجمِ سُنبل

و تترقرقُ دمعاتُ إيمانٍ مُشتعِل .

البنتُ الغريبة تصوِّرُ العالمَ من شُباكِ مُعتقلْ ،

تمسحُ الدماءَ عن عدسةِ الكاميرا كي يتضحَ الخَللْ

بين القاتلِ و القتيل مسافةٌ ، ما فتىء ، منذُ الأزلْ .

و غزةُ جسدٌ تعمّدَ بالخَجلْ ..

و شرايينٌ نزفتْ دماءً كثيفةً كالمُخمَل .

قبلَ أن تأمنَ زنزانتها الصغيرة و الموتُ يترجّل .

غزةُ أسماءُ ، السهلُ و الشطُّ و الجبَلْ

و قاراتٌ ثلاث تزاوجنَ فيها و بدّلنَ البِدلْ ..

بالشالِ المُجعّد كأرضِ غرفتها ، و وجهٍ أسلْ

تفرغُ من كنسِ جَفلتها و كيِّ بعض الحُلل .

الآن تُشعِلُ سيجارتها ، أسماءُ ، و تنظِّفُ الجردلْ .

تغسِلُ ما بين أصابعها و الماءُ يشربهُ صحنُ المُنهل ..

تمسحُ تحت أذنيها ، وجهها و مرفقيها ، ثم تنشِّف الثوب المُبتلْ .

أسماءُ على سجادة الصلاة أمام الله الأجّلْ .

أسماءُ تخشعُ تركعُ . تنفي عنها غربتها ، و تُرتِّلْ ..

بإسمِ الشهيدِ الذي قُتلَ في المهجعِ و المنزل

بالبلحِ و الوردِ و العنبْ . بجذعِ زيتونةٍ على سِن منجلْ .

بإسم الوطنِ الذي دُمِّرتْ بيوتهُ لكي يُبنى المُعتقل ..

بالقبابِ و المآذن . بجرسِ كنيسةٍ عزلاءَ تكبّلْ .

تركعُ ، تعتدلُ ، تتشهدُ ، تسلّمُ و تترجل .

تفتحُ تفسير ابن كثير ، تقرأُ في باب " أيها المزمِّلْ " .

و تتخيلُ النبي المُحِّبَ ، رهيناً للغارِ ، أجمَلْ ..

يشرعُ قلبهُ ، كشبّاكٍ في السماءِ ، لليقينِ المُنزَلْ .

تاقتْ إلى فراديسَ عَسلٍ و خمرٍ لا يثمِلْ .

جنةٌ عرضُها السمواتِ و الأرض تبدأُ من جبلِ الكرمِل ،

لا عينٌ رأتْ و لا خطرَ لبشرٍ و عَقلْ ..

كنعانيةٌ كانت ، تمسحُ رؤوسَ سنابلٍ أيتام في منبتِ حقلْ .

تغسلُ صدرها بماءِ السماء العراء ، و تسبِّحُ بَعلْ .

و حين لا يسّاقطُ مطرٌ تسقيها بدمعِ المُقل .

تجيءُ حظيرتها باكرةً يردُّها قوقأةُ الحِجلِ و ثغاءُ الحَملْ .

مدينتُها تأكلُها النارُ ، اغتصبها العارُ بمقدمِ جحفَل .

حطموّا أسوارها ، كسّروا أشجارها و مزّقوا القُرنفل .

نادتْ في الليلِ حافيةً : بعلٌ ، بعلٌ ، بعلْ ..

يهوشعُ بالوادي يتفكّه : لا تتركوا فيهم و لو طِفلْ !

عادها كلامُ عرّافةٍ ، لم تصدِّقهُ ، بنبوءةِ مُستقبلْ ..

أبناؤكِ يمشونَ طريقَ الجُلجلة و يرفعونَ المِشعلْ .

أسماءُ تشكُّ ، تضطربُ تتعذبُ و تسألْ ..

ثم تجسُّ نبضَ مخلوقٍ تفتّحَ فيها قد تأجّلْ

كذلكَ يريدُ ربُكِ أن يبعثَ فيكِ من شُعاعِ أملْ .

14- تشرين أول - 2013

 

 

 

 

 

No comments:

Post a Comment