Saturday, March 22, 2014

بمنديلكِ هذا

 

بمنديلكِ هذا .

 

89b713477813172

 

بعدَكِ تاريخُ يُتم ٍ ، و قبلُكِ لا شيء .

تَعدمُ ذاكرتي ، إن لم تكن شَمسُكِ أنتِ

مَنْ يُضيء .

كالبذرةِ شببتُ في عروقكِ شُعلةً صغيرة ،

فأنعمتِ عليّ متلطِّفةً بأولِ عناوين السيرةِ

الذاتية ، فصرتُ و الفخرُ يجاوزني ، أكثر

من محضِ شيء .

العالمُ لا يرحم . لكنّكِ يا أمي عالمٌ من الرحمةِ

و الفيء . ثقوبُ الأرضِ تناديني للموتِ ،

قبورٌ لا يُشبِهنَ رَحمكِ سوى بالعتمةِ .

إذْ هناكَ بين جنبيكِ تعلمتُ النمو

و السطو على ما يدخُل جوفكِ من غذاء .

أسمعُ صوتكِ بذاكرتي ، ينهمرُ كمطرِ السماءْ :

تناديني ، تواسيني ، تناغيني ، و تحميني .

هاتَ لي موسيقى تفوقُ روعتها صوتَ الرواء ؟

حينَ الرضاع ، و الثديُ قِربة دافئة بالحليبِ و الدماء .

قالتْ لي تزوَّج ، لأجل أن تجعلَ من فتاةٍ أمّاً ،

فتنضو الطيشَ و ترتدي الحِكمة و تجدَ أطفالاً ينفخونَ

عليها ، مع مرّ السنين ، فلا تنطفىء الشمعة .

و يَحضرني مرةً طلبتِ مني أن أرسمكِ على ورقة .

لُذت بسريري كاملَ اليوم طفلاً هائماً على وجههِ ،

مشقوقَ الجبهةِ بغُرّةٍ زهرّاء .

و في المساءِ كشفتِ أني تخيّلتُكِ صومعةً

للقمحِ  شامخة ً .. و كفيّكِ صاعْ .

هبيني قوسَ عصافير ٍ لوّحَ للفضولِ

أشرعة ً . أو نبتة ً منسيّة ً على حجر ٍ

مُخضّبْ ، امتصَّ رحيقَ قدميكِ الزاكيتين

ثم انتصَبْ . و قد يصيرُ مستقبلَ الغضَبْ .

و قد يبقى للأبد مُلقى في مكانهِ

من أثرِ التعَبْ .

رأسي فوقَ صدرُكِ أشمُّ للغابةِ ريحاً

و أتحسسهُا سوداءَ خشنة ترزِّمُها

الضفائر .

و لسوفَ ألعقُ دموعي التي عَلِقتْ

بثنايا ثوبَكِ المغسولِ طُهراً ،

لعلّي بمنديلكِ هذا المُشرشَبْ

يكفيني أن لا أكونَ صِفراً  .

21 – مارس - 2014

 

 

No comments:

Post a Comment