Thursday, December 22, 2016

- ضبابٌ في الصباح -

 

ضبابٌ في الصباحِ إلا وجهُكِ أنتِ

شمسٌ ترتقي أفقَ السماءِ البراح ..

تجمعُ أشلاءَ العتمةِ و ترفو الظلال

تسقطُ بخطاها كمطرِ الفجأةِ كرماح

ذات شعرٍ قصير يا أيها الولد ُالجميلُ

ألا تشعرينَ بجذوة نار ٍ في صدرِ رياحِ؟

و يخامِرُ سريرتكِ مللٌ كجبلٍ ماردٍ عظيمِ؟

و صداعٌ يكسرُ آنية النعاسِ بعينكِ بلا جراح؟

فيمسُّ شظايا شعركِ المتناثر المقعد المُصاب

بحمى الإلتصاقِ و الإحتواءِ المليّ راحاً براح

أنا الرجل المقتولُ بنصفِ وجهٍ و محضُ نظرة

نالني خوفُ الطريدة ِ من دمٍ يفورُ بمبضعِ جرّاحِ

و أشهدُ غريماً دقيقَ العودِ أكحلَ العينينِ ملساءَ

تطرفُ بالجنونِ فراشةً و لها في كل قلبٍ جناحُ

بل هي غزالة ٌ تعدو عشب توددي بغير اهتمام

و ترخي رأساً ناعماً كفاهِ وردٍ يعدُ بشذى فوّاحِ

صعدتْ سلالم الرحيل وحدها يعوزها الخليلُ

فقد لاحُ لي طائرَ أساها ينوحُ كاتماً و يصيحُ

جلستْ و عليها أكثرُ معاطفِ الأرض جلالة ً

فنضته ُ فأومأتْ و بالغتْ واهتزُّ الغصنُ بالتفّاحِ

و رأيتني أشدُّ نفسي ، آدمُ المفتونُ يصارعُ نفسهُ

تطلبُ قهوة ً و كعكاً بالمشمشِ و بيضاً بغير ملحِ

و تناظرُ ساعة ً تزينتْ بساعدها الرخصُ مفازة ً

بعد قليل ٍ تقلعُ الطائرة و يهمُّ الديكُ بأن يصيحَ

لفَّ السكونُ المطار و المسافرين و الحقائب

المدينة تصحومن نومها متعبة مع نور الصباح

و الحسنُ كله قد تمدد قبالتي يناشد ُ القلبَ أن ينام

ألقتْ عنها حقيبتها و استسلمتْ للأحلامِ و الأشباح

تكوّرتْ كقط ٍ أليف ٍ ككرات الصوفِ و ظلت صامتة

لوحّتُ بيدي لسربٍ غمام ٍ عابر ٍ فردّ تحيتي و راح

نسيتُها كأي مسافر ٍ و ناقشتُ جاري في أمور الحياة

مرّتْ ساعة ٌ و هي نائمة ، تمسكُ بهاتفها و الوشاحِ

تفترقُ شفتاها و الخد الناعم ُ شهدٌ صعبُ المنال!

و لأخالني بترددي و هشاشتي ذبابا يسابق الرياح

و مرآة ً تطلعتْ في مرآة ٍ فما تراءى لها شيئاً واحداً

إنما عينان ِ كصفو البدر في امتلائه و وجهٌ للملاحِ

حدّقتْ و الوسنُ ما لبث يراودُ جسمها الحاني مداعباً

و كأنني صادفتُ ابتسامة النصرِ بثغرها و الإنشراحِ

فتابعتْ شربَ كوبها و قد سرّها أنني صرتُ مُلكاً لها

و إن بقيتُ ، طيلة ما تبقى في حياتي، طليقَ السراحِ.

Saturday, October 1, 2016

السيدة الأخيرة

 

سددتْ بعينيها مكانَ خطاها و خطتْ

مددتْ ظلّها الرشيقِ كأغنيةٍ و مضتْ

تقطعُ الساحةَ المضاءة بنورِ أهدابها

يستديرُ العالمُ إليها مثل شمسٍ أشرقتْ

لا يُعرفُ اسمٌ لها ، مجهولة بدايتها

قسماتها خوفٌ تفتّح لأجل فيض بسماتِ

يغتسلُ الرملُ بنعليها و الأحجارُ بفراتِ

يركضُ الليلُ في عينيها سكيناً لطعناتِ

تحفلُ بكل غريبٍ يكتبُ عنها نهايتها

كي تشهدَ موتها العالي إكسيراً لحياةِ

لكنها لا تموتُ ، كحوريّةٍ بغير وصايةِ

تلهِبُ جيشاً من حطبِ الأرضِ اختارها

تحملُ معناها على وترٍ حزينٍ حائرة ..

تصيرُ أجملَ من قمرٍ في الليالِ المُقمرة

و أجوفَ من بحرٍ ينذرُ بأمواجٍ مُنحسرة

تخطِبُ ودّكَ بفراشةٍ ترعرعتْ بشفتيها

و حينها تصيرُ زهرتها و قاتلها و كذبتها

ينمو السيفُ بداخلها لأنكَ لم تعد فارسها

لأنك مرةً مررتَ ناسياً عن أشياءٍ تفضّلها

لأنكَ انطفأتَ دون أن تلمّعَ بالضوءِ صورتها

و عانقتَ صبّاركَ و صحراء انتظاركَ .. لها

ستأتي لكي تكتبَ انتصارها و تختمَ حوارها

ستعرفُ أنكَ أخيراً هو ، هو الذي هوى ..

صنماً ابتهلتْ إليهِ بإسمِ الحبِ ثم اختفى

و حرفاً نادراً يحلو للسيدة ِ الأخيرة ِ ،

أن تُكمِل بدمائهِ ...............الدائرة .

Saturday, January 16, 2016

العشب المحروق


           
           ( العشب المحروق  (

لا تبتأسي لهذا الشريدِ خليّ الأفراح
فالسحاب الكثيف غطّى كل مقلتيهِ،
و الضوءُ مسافرٌ بين غبش الوجوهِ
لا الريحُ تكفي عصاها كي تُريهِ
ما انفرطَ من عِقدِ الطريق البراحِ،
و لا المطر ذو الثوبِ الطويل المُموه.

هو يحملُ رأسهُ و يخرجُ كل صباح
تتساقطُ الأفكارُ شلالاً يكسو مَراميهِ
و يثيرَ ملحاً كامناً باليقظةِ مولّه،
و يخفقُ في كبد السماء دون جناح.

هل كان هذا الحزن المجنون يشتهيهِ
منذ الأبد و هو الذي بقافيةِ الألم مفوّه؟
لو تردّنا الأيامُ و يندملُ نزفُ الجراح
لو تكونين كاملةً لمّا تخطرينَ و تعترينَه
لكنكِ تأبينَ إلا التواري بكنفِ كبرٍ مُنزّه
و الكلامُ بيننا بابٌ مسجّى يفتقدُ لمفتاح.
ليسَ عشباً محروقاً فأنتِ لا بدّ تتعرفينه
إذا عادتْ لتوّها خُطاكِ تبحثُ عن خطاه
و تسترقُ الشمَّ لمألوفِ عَبقٍ ساخنٍ فوّاح
و تمسحُ عن زجاجِ الكأسِ رضاباً لشفاه
و تجمعُ ما تناثرَ من ضمّة وردٍ تعشقينه.

سائليها حين يضمُّ اليومُ نهاراً مُتعباً نوّاح
و تسقطُ ستائرُ النوافذِ مهيضةً خائرة القوّه
قولي لها أي شيءٍ تريدينهُ أو لا تريدينهُ
ثمّة بياضٌ بعد .. لم يطالهُ قبحٌ مشوّه
و قمرٌ مبتورٌ في المرآة .. يودُّ لو يلوِّح  
و غزلٌ كثيرٌ أربيّهِ على مهلٍ قد تشتاقينه.

داعبي لها نمشاً كنتُ أحبهُ على الصبَاح
و قواماً ناحلاً بمشيِّها تشبهُ غُصن فُلّه
و ذقناً خفيفاً يرتجُّ كبحرٍ بلا مينا ..
حاوريها بعزمِ الحصانِ الأصيلِ لو نوى
أن يميزَ العشبَ المحروقَ من يدِّ الفلاح.