Tuesday, April 3, 2012

الإنشطار

 

 

jska-bipolarWIP

 

( 1 )
تأخّر النوم تلك الليلة مع أنني طلبتُه كثيراً , و عندما تيقنتُ أنه لن يأتي , نفضتُ الشرشف و مضيتُ إلى المطبخ 
كي أصنعَ فنجاناً من القهوة . 

( 2 )
كلما أوغلتَ إلى اللبّ السحيق قلّ الهواء و سيطرتْ على المكان ظلمة موحشة . كنتُ قد قررتُ البحث عن الشمس 
مهما كلّفني ذلك من جهد , و إن كان من الصعب عليّ أن أفارق هذا التراب الذي يطوّقني من جميع الجهات , لكنني
أصررتُ على قراري هذا , و دون هوادة أخذتْ أناملي تشقّ سحابة الطيّن الثقيلة الجاثمة فوق رأسي منذ أمد طويل . 

( 1 )
فقاعات القهوة تتراقص من على السطح الأسود مما أثار في صدري رغبة لأن أطوّقها بين الشفاه القُرمزيّة 
و إذْ استقرتْ في قاع الفنجان حتى شربتُها بسرعة و على نَفْس ٍ واحد , تذكرتُ لذّتها صباحاً بينما كنتُ 
أهمّ بالخروج إلى العمل .

( 2 )
بدأتْ الدماء تتنافر من أصابعي المشروطة المتمزقة اللحم إثر البَحش بين فتات الصخر الحادّ , لكن ذلك 
لم يكن ليثنني عن هدفي و لم يثبّط عزمي عن المواصلة .
"
يكفي .. يكفي ما حييتُه تحت الأرض , ألم يحن الوقت لأرَ الشمس و لو من ثغر ضيّق ؟ "

( 1 )
بخختُ من العِطر على بذلتي الكاكيّة المذوّقة ما يكفي لأسبوع ٍ كامل , ثم نظرتُ في المرآة المعلقّة على 
الجدار ابتسمتُ فردّ علي الآخر بإبتسامة مماثلة , و لم يطل ذلك كثيراً حتى كنتُ أمام العتبة استشعرُ 
بالبرد و أبحثُ على استعجال في جيبي عن مفتاح السيّارة .

( 2 )
صادفتني جذور أعشاب رخيصة تنبتُ لوحدها من غير إذن . بكل جسدي , رحتُ أعوم إلى الأعلى رغم عن 
أنف رائحة الرطوبة المخضبّة ككنز ٍ دفين , و لمّا صار نصف جسدي فوق الأرض , أبصرتُ حقلاً يمتدّ إلى كل 
حدب .

( 1 )
استمهلتُ الدابّة الحديديّة ذات العجلات الأربع و اللون الفضيّ اللامع مُهلة ً من الوقت حتى تسخُن , ثم 
امتطيتُها و مضيت .

( 2 )
بعد ركض ٍ مُضني وهَنتْ له قواي و اختنق له قلبي , استقرّ ناظري على عمود يحمل في عليّه ثلاث كرات :
حمراء , برتقاليّة و خضراء . كم راق لي أن أتابعها على مهل , تتناوب فيما بينها الوميض , ربما لأنها أول
شيء أبصره بعد مغادرتي بطن الأرض إلى ظهرها .

( 1 ) , ( 2 ) 
عند المنعطف الحاد , و فجأة ً ..
نطّ أمامي جسد بشري حاولتُ تفاديه و لم أستطع , لقد فرض علي الإصطدام بقفزته المفاجأة 
,
فخرجتُ على الفور دون وعي و لا معرفة ماذا يتوجب علي أن أفعل , و بينما كنتُ واقفاً 
على مقربة منه , زاغ نظري إلى واجهة السيّارة التي تبدو الآن كمرآة تعكسُ لي صورتي و 
صورته و لم أكن قادراً على تحمّل الصدمة ..
فلقد دهستُ أنا نفسي بعدما غادرتُ الحقل و البيت في آن واحد .

No comments:

Post a Comment