Thursday, July 5, 2018

عينان



- عينان -


عيمقةَ العينينِ أنتِ كبحرٍ بلا قرار
ليس غيرها ابتسامتك تفسحُ الأسوار
و تكشفُ مشهداً ثمّة للازوردِ الأخير
و تسرِفُ في الرحيل إلى آخر النهار
ثم تنامينَ في عينيكِ يغريكِ الغياب
و يصبحُ قمركِ الذي تنصّف مُقلتينِ
صحن كوثرٍ يسيلُ  أو حماماً للديار
أعلى من شجر الخروبِ عينيكِ
أمضى من ليلٍ ينزفُ بحريق شهاب
أمهرُ من نساجيّ السوق العتيقِ
في رتقِ حُسنٍ رائعٍ تجلّى بثياب
هو لونُ الخريفِ المليء بالأسرار
الشاحب حدّ الحياة
البعيد كلما اقترب
الوادع في زمنِ الجريمة
قد داوى عندي جرح الغزال
و جاء بالإجابةِ بغيرِ سؤال
ألقى ظلالاً للسوسنِ الحرّ في التراب
و تركَ الأشعارَ تحترقُ بداخلي
كلمات تُقال في نعيمِ العذاب
حيثُ الجنانُ تُشرعُ من عيناكِ
بسمة ًبسمةً و عنقودِ دالية
و التفاتةِ شمسٍ لا تموت
في البلاد العالية ..
عميقة العينينِ أنتِ كبئرِ الدار
تفهمين عطش الطفولة و الصبار
و انحناء سحابةٍ ضائعة
تمسحُ عن الأرض الخراب
رُبّ نخلٍ في عينيكِ قد تمرّد
و أثمرَ محاربين دون قتال
و أعلنَ لإمرأةٍ أسطورة حيّة
يجوبُ الخلقُ في عينيها
مثل ضلالٍ ينشدُ صواب
و يوقِدُ كحلاً في اللحظِ تعتّق
يروي قناديل صبحٍ أزرق
لبيوتٍ وراء تلال
في البحر تذهب ..

Thursday, December 22, 2016

- ضبابٌ في الصباح -

 

ضبابٌ في الصباحِ إلا وجهُكِ أنتِ

شمسٌ ترتقي أفقَ السماءِ البراح ..

تجمعُ أشلاءَ العتمةِ و ترفو الظلال

تسقطُ بخطاها كمطرِ الفجأةِ كرماح

ذات شعرٍ قصير يا أيها الولد ُالجميلُ

ألا تشعرينَ بجذوة نار ٍ في صدرِ رياحِ؟

و يخامِرُ سريرتكِ مللٌ كجبلٍ ماردٍ عظيمِ؟

و صداعٌ يكسرُ آنية النعاسِ بعينكِ بلا جراح؟

فيمسُّ شظايا شعركِ المتناثر المقعد المُصاب

بحمى الإلتصاقِ و الإحتواءِ المليّ راحاً براح

أنا الرجل المقتولُ بنصفِ وجهٍ و محضُ نظرة

نالني خوفُ الطريدة ِ من دمٍ يفورُ بمبضعِ جرّاحِ

و أشهدُ غريماً دقيقَ العودِ أكحلَ العينينِ ملساءَ

تطرفُ بالجنونِ فراشةً و لها في كل قلبٍ جناحُ

بل هي غزالة ٌ تعدو عشب توددي بغير اهتمام

و ترخي رأساً ناعماً كفاهِ وردٍ يعدُ بشذى فوّاحِ

صعدتْ سلالم الرحيل وحدها يعوزها الخليلُ

فقد لاحُ لي طائرَ أساها ينوحُ كاتماً و يصيحُ

جلستْ و عليها أكثرُ معاطفِ الأرض جلالة ً

فنضته ُ فأومأتْ و بالغتْ واهتزُّ الغصنُ بالتفّاحِ

و رأيتني أشدُّ نفسي ، آدمُ المفتونُ يصارعُ نفسهُ

تطلبُ قهوة ً و كعكاً بالمشمشِ و بيضاً بغير ملحِ

و تناظرُ ساعة ً تزينتْ بساعدها الرخصُ مفازة ً

بعد قليل ٍ تقلعُ الطائرة و يهمُّ الديكُ بأن يصيحَ

لفَّ السكونُ المطار و المسافرين و الحقائب

المدينة تصحومن نومها متعبة مع نور الصباح

و الحسنُ كله قد تمدد قبالتي يناشد ُ القلبَ أن ينام

ألقتْ عنها حقيبتها و استسلمتْ للأحلامِ و الأشباح

تكوّرتْ كقط ٍ أليف ٍ ككرات الصوفِ و ظلت صامتة

لوحّتُ بيدي لسربٍ غمام ٍ عابر ٍ فردّ تحيتي و راح

نسيتُها كأي مسافر ٍ و ناقشتُ جاري في أمور الحياة

مرّتْ ساعة ٌ و هي نائمة ، تمسكُ بهاتفها و الوشاحِ

تفترقُ شفتاها و الخد الناعم ُ شهدٌ صعبُ المنال!

و لأخالني بترددي و هشاشتي ذبابا يسابق الرياح

و مرآة ً تطلعتْ في مرآة ٍ فما تراءى لها شيئاً واحداً

إنما عينان ِ كصفو البدر في امتلائه و وجهٌ للملاحِ

حدّقتْ و الوسنُ ما لبث يراودُ جسمها الحاني مداعباً

و كأنني صادفتُ ابتسامة النصرِ بثغرها و الإنشراحِ

فتابعتْ شربَ كوبها و قد سرّها أنني صرتُ مُلكاً لها

و إن بقيتُ ، طيلة ما تبقى في حياتي، طليقَ السراحِ.

Saturday, October 1, 2016

السيدة الأخيرة

 

سددتْ بعينيها مكانَ خطاها و خطتْ

مددتْ ظلّها الرشيقِ كأغنيةٍ و مضتْ

تقطعُ الساحةَ المضاءة بنورِ أهدابها

يستديرُ العالمُ إليها مثل شمسٍ أشرقتْ

لا يُعرفُ اسمٌ لها ، مجهولة بدايتها

قسماتها خوفٌ تفتّح لأجل فيض بسماتِ

يغتسلُ الرملُ بنعليها و الأحجارُ بفراتِ

يركضُ الليلُ في عينيها سكيناً لطعناتِ

تحفلُ بكل غريبٍ يكتبُ عنها نهايتها

كي تشهدَ موتها العالي إكسيراً لحياةِ

لكنها لا تموتُ ، كحوريّةٍ بغير وصايةِ

تلهِبُ جيشاً من حطبِ الأرضِ اختارها

تحملُ معناها على وترٍ حزينٍ حائرة ..

تصيرُ أجملَ من قمرٍ في الليالِ المُقمرة

و أجوفَ من بحرٍ ينذرُ بأمواجٍ مُنحسرة

تخطِبُ ودّكَ بفراشةٍ ترعرعتْ بشفتيها

و حينها تصيرُ زهرتها و قاتلها و كذبتها

ينمو السيفُ بداخلها لأنكَ لم تعد فارسها

لأنك مرةً مررتَ ناسياً عن أشياءٍ تفضّلها

لأنكَ انطفأتَ دون أن تلمّعَ بالضوءِ صورتها

و عانقتَ صبّاركَ و صحراء انتظاركَ .. لها

ستأتي لكي تكتبَ انتصارها و تختمَ حوارها

ستعرفُ أنكَ أخيراً هو ، هو الذي هوى ..

صنماً ابتهلتْ إليهِ بإسمِ الحبِ ثم اختفى

و حرفاً نادراً يحلو للسيدة ِ الأخيرة ِ ،

أن تُكمِل بدمائهِ ...............الدائرة .

Saturday, January 16, 2016

العشب المحروق


           
           ( العشب المحروق  (

لا تبتأسي لهذا الشريدِ خليّ الأفراح
فالسحاب الكثيف غطّى كل مقلتيهِ،
و الضوءُ مسافرٌ بين غبش الوجوهِ
لا الريحُ تكفي عصاها كي تُريهِ
ما انفرطَ من عِقدِ الطريق البراحِ،
و لا المطر ذو الثوبِ الطويل المُموه.

هو يحملُ رأسهُ و يخرجُ كل صباح
تتساقطُ الأفكارُ شلالاً يكسو مَراميهِ
و يثيرَ ملحاً كامناً باليقظةِ مولّه،
و يخفقُ في كبد السماء دون جناح.

هل كان هذا الحزن المجنون يشتهيهِ
منذ الأبد و هو الذي بقافيةِ الألم مفوّه؟
لو تردّنا الأيامُ و يندملُ نزفُ الجراح
لو تكونين كاملةً لمّا تخطرينَ و تعترينَه
لكنكِ تأبينَ إلا التواري بكنفِ كبرٍ مُنزّه
و الكلامُ بيننا بابٌ مسجّى يفتقدُ لمفتاح.
ليسَ عشباً محروقاً فأنتِ لا بدّ تتعرفينه
إذا عادتْ لتوّها خُطاكِ تبحثُ عن خطاه
و تسترقُ الشمَّ لمألوفِ عَبقٍ ساخنٍ فوّاح
و تمسحُ عن زجاجِ الكأسِ رضاباً لشفاه
و تجمعُ ما تناثرَ من ضمّة وردٍ تعشقينه.

سائليها حين يضمُّ اليومُ نهاراً مُتعباً نوّاح
و تسقطُ ستائرُ النوافذِ مهيضةً خائرة القوّه
قولي لها أي شيءٍ تريدينهُ أو لا تريدينهُ
ثمّة بياضٌ بعد .. لم يطالهُ قبحٌ مشوّه
و قمرٌ مبتورٌ في المرآة .. يودُّ لو يلوِّح  
و غزلٌ كثيرٌ أربيّهِ على مهلٍ قد تشتاقينه.

داعبي لها نمشاً كنتُ أحبهُ على الصبَاح
و قواماً ناحلاً بمشيِّها تشبهُ غُصن فُلّه
و ذقناً خفيفاً يرتجُّ كبحرٍ بلا مينا ..
حاوريها بعزمِ الحصانِ الأصيلِ لو نوى
أن يميزَ العشبَ المحروقَ من يدِّ الفلاح.





 







 



 

Thursday, December 10, 2015

من حياة سيزيِّف.


                                                                                      من حياةِ سيزيف
 

توسّلتُ من الربِّ ما يكفَّ عني حيرتي

شتاتُ النفسِ شوكٌ يتبرعمُ بنوّار ألمِ

أحتزُّ بلحمي زرداً من أنيابِ نباتِ

يشقُّ له عصبٌ في الرأسِ نصفينِ

ينهارُ سورٌ مرصوفٌ من حبسِ أنّاتِ

فأبكي أبكي ، أسحُّ من الدمع المخضلِ

ألوي عنقي و كفيّ على خديّ و العينينِ

أُصابُ بعواصفِ الكدرِتسقي عين ُفُراتِ

رسولٌ أنا في صحراءِ صمتي فأمشي

أدوّنُ ما قد ضيّعتُ في ماضٍ من آياتي

مُرسلٌ ابتهالي يلامسُ السماءَ و يرمي

قوساً من سحابٍ يشبهُ منديلَ دمعاتِ

فأرى الشوكَ تفوحُ روائحهُ بين خطوتينِ

**********

صائراً جدولاً أفيضُ بكآبةٍ

تنهبني المشاعرُ المشتعلة

أبعثُ الفوحَ المحرِّضَ للألم

و رأسي برجٌ للفرقاء المقتتلة.

شأني حطامُ زجاجٍ منكسر

عليهِ آثارُ مطرقةٍ للندم.

صوتٌ يزمجرُ جباراً بالمُغر

تنتفضُ لأجلهِ المواطن المحتلة

في كل شبرٍ من عروقي فيه دم.

الفؤادُ و اللُب في جزرٍ نائية

مناديلُ الحزنِ أزهارٌ ذاوية

و أنا أصعدُ لأشرعَ بالبكاء الحُر

فوق سوامقِ القممِ.

شغفي على الأشياءِ هو العلّة،

ميزانُ العالمِ يقفُ على قدمٍ و قشّة

و يكيلُ الضجرَ المتصاعدَ بوتر.

المجنونُ الذي افترعَ طرقاتٍ

خاوية ليتخيلَ سيناريو الغد

و يخطَّ بناظريهِ خطى المجد

و يدعوهُ محفلَ الجُلجلة..

هو أنا، أنا ..

أنا الذي سميتُ الكلماتَ بالعاهرة

و أمطرتُها بوابلٍ من حجر..

أرجمُها كشيطانِ المعبد.

لا أطيقُ أن يصيرَ الكلامُ رهينةً

رخيصةً في يدِ الألعوبان،

يأخذها ذات اليمينِ و ذات اليسار

يستغلُ تاريخيّة العبارة منذ كان الطمم..

صوتُ الإنسانِ و بداية السفر.

غرّني فحيحُ أفعى ترعى بحِجري

بين أضلعي و توغرُ بصدري

مثل خنجرٍ محمومٍ لمسيلِ دم

الرجالُ الذين قلّدوا الحيوان

و ناموا في مخلبِ غيمةٍ عابرة

تطفو في حليبِ سديمٍ أسودِ..

و نجماتٍ متحلقاتٍ من نفحِ العَدم.

أخطوا في المنامِ لألحقَ صهوةِ الحلم الجانحِ لللامكان..

أشمُّ للوردِ المتفتّح على سطحِ الماء شذى طريّ،

ألعبُ مع الرياحِ لُعبتها و أستجدي وصولَ المطر

أحدّقُ في الأحجارِ كأنها غريبةٌ ، و لكنهُ الحنينُ مُعدِ

فأجدُ ذاكرتي في شررٍ بين حجرينِ من صوّانِ

و أقولُ في نفسي ، و إلى السماءِ نظري ، لماذا تركتُ حجري؟

أنا المصبوبُ من جزعٍ و ألمِ..

أحبالٌ تصلُ المتلاشياتِ معاً في جسدي من قدمٍ ليدِ

**********

أسرّحُ الشعرَ الذي أعتقهُ المشيبُ

بريءٌ هذا الحزن الذي في عيوني

وجهكَ الناحلُ لا يريمُ جامدٌ هو

مُريبُ ..

أرسلتكَ الشجونُ في رحلةٍ و قد أضرمتْ

في المرافىءِ مراكباً للضائعِ المحزونِ

أين من شجرِ الخريفَ أنتَ ؟ أوراقكَ

تلفُّ الوحِدةَ كطفلٍ صغيرٍ أرهقهُ النحيبُ

و في شفتيكَ عطشٌ هائجٌ خيلهُ و حرونِ

اصعدْ حتفكَ المشبوبَ بنارِ الغَضب

فالليلُ بعد قليلٍ ساقطٌ .. فلا تتوخَّ الهربْ

إن شبابيك الليلِ ضيقةٌ و قفلها بمختونِ

فاسعَ بنارٍ مسروقةٍ في الليلِ بين الحطبْ.

**********

أشهدُ الشمسَ قطرة دمٍ في المساء الذبيحِ ،
تسيلُ تمسحُ ألقَ النهارِ الرصاصي النائي ،
أغمضُ حدقتيَّ ألوذُ بلونِ عيني
لعلها تحجبني منظرَ الأملِ الجريح .
الشارعُ مزدحمٌ و الليلُ يوقظُ
رغباتِ إنسانٍ بدائيِّ ،
أخافُ الظلامَ منذ الصبا ، فوبيا
الكائن المنهزم تجوزُ بداخلي
مدنَ الصفيح
إلى اتساعِ الغابات الخالية ..
الماءُ يمضي متلاطمَ الأنغامِ
خريرهُ تنترهُ أسنانُ ثورٍ يثاغي
و ينوح ..
مزيدٌ من الخطواتِ الباردة تدقُّ
بابَ الكهفِ الرطبِ بالملحِ ،
خيوطُ النورِ قصيرةٌ تشفُ عن
جسمِ الصخورِ العاري .
الطحلبُ عانةٌ كثيفةٌ على
الإشتهاءِ المنسيِّ من أثر الجروح ..
المطرُ دعوةٌ للإختباءِ و الغواية ،

شبّاكٌ دائمُ النموِّ بالخدرِ و الخيال .

Thursday, April 30, 2015

ذاتَ ليلة صيف

 

 

 

يجري الدمُ في عروقي يمضي مع دعواتِ القلبِ

وجهُكِ جلنارُ و صفحة البداية من الكتابِ مُشرعة

أعرفُ ماذا تقولُ العجائزُ عن ماضيهنَ البعيد ..

جاذبيةُ الطلعة ، تفتحُ الأقفالَ و تبعثرُ  الشيء الرتيب

و لكني أتصورُّكِ زهرةً خارجةً من صحراءٍ مُقفرة

و عطرُكِ يكوّم النحلَ في زاويةٍ مطواعٌ يشبهُ العبيد

أرومُ نخلتينِ متلاعتين يظللانِ علينا حرَّ الدربِ

أحبكِ يا شعلةً تتقدُ في رأسي فكرةً تأبى أن تبيد

و الصيفُ فضاءٌ جليٌ للعائدين إلى بيوتهم المُقفلة

يحنُّ القلبُ و يرتّبُ أشجانه، يلتقطُ النجماتَ اللامعات

و يقررُ ماذا يفعل في المساء ِ النابض بولعِ النشيد

يصعدُ الذهبُ على جسمكِ العفيفُ إلى آخرهِ الرَحبِ

و أحتارُ في بالي فيما يتوالفُ خيطينِ في كلاميِ الجَدبِ

عنكِ يا حمامة سلامٍ رفّت و أرياشها يراعاتٌ يانعة

ستكتبُ بحبرِ الدمِ و اللعابِ الحلو عن شفاهٍ ناعمات

يهمسنَ من ضبابِ الجنونِ الخافي في أروقةِ الغَيد

و البخورُ يتصاعدُ و يختلطُ مع زفراتِ العطرِ الرطبِ

الكلماتُ لا تموتُ في حضرةِ امرأةٍ عصافيرها يعتمرنَ

روضَ السلسبيل و الندى المسيل على الصخرِ الصليد

أغازلُ أفقاً ينأى بكواكبهِ و يدورُ بين أصبعيها بالخُطبِ

يهواها الساري في مخيلتي و العيونُ الناظرات

و الليلُ حلمها العاجي و نقاشها الأبدي الممتد

أنتَ الآن تنافسها و تشاركها لجّة الحب و التعبِ

و تذكرها طفلةً تناغي أنشوطة أمها المنسيّة و اللُعبِ

فتستيقظُ في نومِكَ خضراءَ فاغمةً في الليالي المشتعلة.